مقدمة
في الفترة الماضية قضيت وقتي في قراءة كتاب “حياة الذاكرين” للدكتور عمرو خالد. ولولا الفائدة التي استشعرتها في الكتاب لما شجعت غيري على قراءته. الكتاب وبفضل الله تعالى جعلني أداوم على التسبيح والذكر، وقد دفعني إلى التفكير قليلًا والتساؤل “ما الفرق بين التسبيح والذكر؟”
يرتبط التسبيح بالذكر في آيات كثيرة في القرآن الكريم. ويُتصوّر لنا أحيانًا أنّ الذكر والتسبيح وجهان لعملة واحدة ولا فرق بينهما أبدًا. ولكن في الواقع هناك ما يجعل الذكر مختلفًا عن التسبيح.
ما الفرق بين التسبيح والذكر
حاولت جاهدة البحث عن إجابة لهذا السؤال. وقد وجدتُ بضعة مصادر تتحدث عن هذا الموضوع. وفكرت أنّ لا بدّ لي من تلخيص ما قرأته في نقاط سريعة حتى تعمّ الفائدة إن شاء الله.
الدكتور فاضل السامرائي
في البداية يتحدث الدكتور فاضل السامرائي عن هذا الأمر من الناحية اللغوية. ويفصّله تفصيلًا رائعًا فيقول “الذكر أعمّ من التسبيح والتسبيح هو ذِكر”. بمعنى أن الذكر يشمل التسبيح والتهليل والتكبير. وبالتالي يُعتبر التسبيح جزءًا من الذِكر.
ويتابع فيقول أنّ الله تعالى خصّ التسبيح بأوقات محددة، بينما ليس للذكر أوقات محددة:
قال تعالى (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55) غافر)
ويقول عز وجل في آية أخرى (وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ (41) آل عمران)
ويمكننا أن نرى بأن الله أمرنا بذكره كثيرًا ولم يخصص وقتًا لذلك أي أن عليك أن تذكر الله في كل أوقاتك أو في معظمها. بينما خصّ الأوقات قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وفي جوف الليل بالتسبيح.
فضل لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
المستشار أحمد ماهر
في حين قال المستشار أحمد ماهر في مقالة مطوّلة عن هذا الموضوع. أنّ الذِكر لا يَشترط أن تذكر الله بلسانك. بل أن تستشعر وجوده بقلبك وأن تملأ الخشية وجدانك فلا تعود قادرًا على ارتكاب المعاصي في حضرته عز وجل. وأن تُخلص له في عملك فلا تكون من المنافقين.
ويضرب مثالًا فيقول أنّ الطبيب الجراح إذا أراد القيام بعملية جراحية فهو لن يواصل التسبيح أثناء إجرائها، ولكنه سيبدأ بالعمل وهو يستشعر مراقبة الله له فيُخلص في عمله، وهو ما يجنبه التقصير في العمل ويجنبه السعي وراء ثناء الآخرين من البشر – أي طلب السمعة والرياء.
ويضيف معلومة جميلة ارتأيت أن أذكرها هنا وهي: أنّ التسبيح عبادة تشترك فيه الخلائق كلها. لقوله تعالى {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً (44) الإسراء).
بينما يُعتبر الذكر شأنًا خاصًا بالمؤمنين من البشريّة المكلّفة به على أسرها لأنه فريضة على المخيّرين.
الدكتور عمرو خالد
إضاءة
ذكر الله باللسان فقط لا يجعلك ترتقي إلى منزلة الذاكرين
وفي كتابه “حياة الذاكرين”. يقول الدكتور عمرو خالد أن التسبيح وكثرة ترديده تجعلك أكثر استشعارًا لوجوده تعالى وأكثر فهمًا لصفاته وبالتالي أكثر قربًا منه. إذن فالتسبيح جسر يصل بك لأن تكون ذاكرًا لله تعالى. بشرط أن تسبّح بلسانك وأن تستشعر ما تقوله بقلبك وأن تتفكر فيه بعقلك.
وفي النهاية آمل أن تكون تلك المعلومات المختصرة قد أجابت على تساؤلك.
تابع صفحتنا على الفيسبوك، وحسابنا على تويتر ليصلك كل جديد!