يمر جسمك وعقلك بالعديد من التغيرات أثناء الحمل وبعده. إذا كنتِ تشعرين بالفراغ أو انعدام المشاعر أو الحزن معظم الوقت لمدة تزيد عن أسبوعين أثناء الحمل أو بعده فعليك بطلب المساعدة. إذا شعرت أنك لا تحبين طفلك أو لا تعتنين به، فقد تكوني مصابة باكتئاب ما بعد الولادة. وعليك بالعلاج لأنه سيساعدك أنت وطفلك على التمتع بصحة جيدة في المستقبل.
ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟
تصاب معظم النساء “بكآبة النفاس” أو الشعور بالحزن أو الفراغ لأيام قليلة بعد الولادة. لكن هذه المشاعر ما تلبث أن تختفي عند معظمهنّ في غضون 3 إلى 5 أيام. إذا لم تتلاشى حالة كآبة النفاس أو الحزن أو اليأس أو الفراغ بعد أسبوعين، فقد تكونين مصابة باكتئاب ما بعد الولادة، لأن الشعور باليأس أو الفراغ بعد الولادة لمدة طويلة ليس جزءاً عادياً أو متوقعاً!
اكتئاب ما بعد الولادة هو مرض نفسي خطير يشمل الدماغ ويؤثر على سلوكك وصحتك الجسدية. إذا كنت تعانين من الاكتئاب، فلن تختفي مشاعر الحزن أو الفراغ ويمكن أن تتداخل مع حياتك اليومية. قد تشعرين أنك غير متصلة بطفلك كما لو أنك لست والدته، أو قد لا تحبين الطفل أو تعتنين به. وتتراوح هذه المشاعر ما بين خفيفة إلى شديدة.
بالإضافة الى أنه قد تعاني الأمهات من اضطرابات القلق أثناء الحمل أو بعده.
ما مدى انتشار اكتئاب ما بعد الولادة؟
الاكتئاب هو مشكلة شائعة تظهر بعد الولادة، حيث تعاني واحدة من كل 9 أمهات جدد من اكتئاب ما بعد الولادة.
كيف أعرف أنني مصابة باكتئاب ما بعد الولادة؟
يمكن أن تكون بعض التغيرات الطبيعية بعد الحمل مشابهة لأعراض الاكتئاب، فتشعر العديد من الأمهات بالإرهاق بسبب الطفل الجديد في المنزل. ولكن إذا عانيت من أيّ من أعراض الاكتئاب التالية لأكثر من أسبوعين، فتواصلي مع طبيبك أو ممرضتك أو قابلتك:
• الشعور بعدم الارتياح أو تقلب المزاج
• الشعور بالحزن واليأس والارتباك
• البكاء كثيراً
• امتلاك أفكار حول إيذاء الطفل
• امتلاك أفكار لإيذاء نفسك
• عدم الاهتمام بالطفل وعدم الشعور بالارتباط به أو الشعور بأن الطفل لشخص آخر
• عدم وجود الطاقة أو الدافع
• الأكل القليل أو الكثير جداً
• النوم القليل أو الكثير جداً
• صعوبة التركيز واتخاذ القرارات
• مشاكل الذاكرة
• الشعور بعدم القيمة أو الذنب أو الشعور بأنك أم سيئة
• فقدان الاهتمام أو الاستمتاع بالأنشطة التي كنت تستمتعين بها
• الابتعادعن الأصدقاء والعائلة
• الصداع والأوجاع والآلام أو مشاكل في المعدة
بعض النساء لا تخبر أحداً عن الأعراض التي تصيبها. قد تشعر الأم بالحرج أو الخجل أو الذنب من الشعور بالاكتئاب لأنها تفترض أنه يجب أن تشعر بالسعادة. كما قد تقلق من حكم الناس عليها بأنها أم سيئة. يمكن أن تصاب أي امرأة بالاكتئاب أثناء الحمل أو بعد الولادة وهذا لا يعني أنها أم سيئة. يمكن للطبيب المساعدة في معرفة ما إذا كانت الأعراض ناتجة عن الاكتئاب أو أي شيء آخر.
ما هي أسباب اكتئاب ما بعد الولادة؟
قد تؤدي التغيرات الهرمونية إلى ظهور أعراض اكتئاب ما بعد الولادة. فأنت عندما تكونين حاملاً، تكون مستويات هرمونيّ الأستروجين والبروجسترون الأنثوية بأعلى مستوياتها. وبعد أول 24 ساعة من الولادة، تنخفض مستويات الهرمونين لتعود إلى مستوياتها الطبيعية بسرعة. يعتقد الباحثون أن هذا التغير المفاجئ في مستويات الهرمونات قد يؤدي إلى الاكتئاب. وهذا مشابه للتغيرات الهرمونية قبل الدورة الشهرية، ولكنه بتقلبات شديدة في مستويات الهرمونات.
كما قد تنخفض مستويات هرمونات الغدة الدرقية بعد الولادة. والغدة الدرقية هي غدة صغيرة في الرقبة تساعد في تنظيم استخدام الجسم للطاقة. المستويات المنخفضة من هرمونات الغدة الدرقية يمكن أن تسبب ظهور أعراض الاكتئاب، ويمكن اجراء اختبار دم بسيط لتحديد ما إذا كان الخلل في الغدة الدرقية هو السبب. إذا كان الأمر كذلك، يمكن للطبيب أن يصف لك دواء الغدة الدرقية.
قد تساهم أمور أخرى في اكتئاب ما بعد الولادة. حيثُ تقول العديد من الأمهات الجدد إنهن يشعرن بـ:
• التعب بعد المخاض والولادة
• التعب من قلة النوم أو النوم المتقطع
• الانشغال في ولادة الطفل الجديد
• الشك في قدرتهن على أن يصبحن أمهات جيدات
• الإجهاد الناتج عن التغييرات في روتين العمل والمنزل
• وجود حاجة غير واقعية لتكنّ أمهات مثاليات
• الحزن على حياتهنّ قبل الإنجاب
• أنهنّ أقل جاذبية
• وقت الفراغ قليل
هذه الأمور شائعة بين الأمهات الجدد، واكتئاب ما بعد الولادة هو حالة صحية نفسية خطيرة ولكن يمكن علاجه. واكتئاب ما بعد الولادة ليس جزءاً عاديًا أو متوقعاً من كونك أماً جديدة.
هل بعض النساء أكثر عرضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة؟
نعم. قد تكونين أكثر عرضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة إذا:
• كان لديك تاريخ شخصي في الاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب
• كان أحد أفراد عائلتك مصاب بالاكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب
• لم تمتلكي دعمًا من العائلة والأصدقاء
• أصابك الاكتئاب أثناء الحمل
• كان لديك مشاكل في الحمل أو الولادة السابقة
• كان لديك مشاكل في العلاقة أو المال
• كنت أصغر من 20 عاماً
• كان لديك مشكلة إدمان الكحول، أو تعاطي المخدرات
• كان طفلك من ذوي الاحتياجات الخاصة
• كان لديك صعوبة في الرضاعة الطبيعية
• تعرضت لحمل غير مخطط له أو غير مرغوب فيه
ما الفرق بين اكتئاب ما بعد الولادة وكآبة النفاس؟
تعاني العديد من النساء من كآبة النفاس بعد الولادة. إذا كنت تعانين من كآبة النفاس، فيمكن أن تلاحظي ما يلي:
• لديك تقلبات مزاجية
• الشعور بالحزن أو القلق أو الإرهاق
• نوبات بكاء
• فقدان الشهية
• صعوبة في النوم
تزول كآبة النفاس في غضون 3 إلى 5 أيام عادة في حين تستمر أعراض اكتئاب ما بعد الولادة لفترة أطول وتكون أكثر حدة. يبدأ اكتئاب ما بعد الولادة عادةً خلال الشهر الأول بعد الولادة، ولكن يمكن أن يبدأ أثناء الحمل أو خلال عام بعد الولادة.
ويحتاج اكتئاب ما بعد الولادة إلى العلاج من قبل طبيب مختص.
ما هو ذهان ما بعد الولادة؟
الذهان ما بعد الولادة نادر الحدوث. تصاب به 4 أمهات جدد من بين كل 1000. ويبدأ عادةً في أول أسبوعين بعد الولادة. وهي حالة طبية طارئة تستدعي التدخل السريع. والنساء المصابات باضطراب ثنائي القطب أو حالة صحية عقلية أخرى تسمى الاضطراب الفصامي العاطفي هنّ أكثر عرضة للإصابة بذهان ما بعد الولادة. وقد تشمل الأعراض ما يلي:
• رؤية أو سماع أشياء غير موجودة
• الشعور بالارتباك معظم الوقت
• حدوث تقلبات مزاجية سريعة في غضون عدة دقائق (البكاء بشكل هستيري، ثم الضحك كثيراً، ثم الحزن الشديد)
• محاولة إيذاء النفس أو الطفل
• جنون العظمة (التفكير في أن الآخرين يركزون على إيذائك)
• القلق أو الانفعال
• التصرف بتهور أو بطريقة غير طبيعية
ماذا أفعل إذا كنت أعاني من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة؟
اتصلي بطبيبك أو ممرضتك أو قابلتك أو طبيب الأطفال في حال:
• لم تختفي أعراض كآبة النفاس بعد أسبوعين
• زيادة حدة أعراض الاكتئاب
• بدء أعراض الاكتئاب في غضون سنة واحدة من الولادة واستمرارها لأكثر من أسبوعين
• صعوبة العمل أو إنجاز الأشياء في المنزل
• عدم القدرة على الاعتناء بالنفس أو بالطفل (مثل الأكل والنوم والاستحمام)
• امتلاك أفكار حول إيذاء النفس أو الطفل
اطلبي من شريكك أو أحد أفراد أسرته الاتصال بك إذا لزم الأمر. يمكن لطبيبك أو ممرضتك أن تطرح عليك أسئلة لاختبار الاكتئاب. كما يمكن تحويلك إلى أخصائي الصحة النفسية لمساعدتك في العلاج.
ماذا الذي يمكنني فعله في المنزل حتى أشعر بالتحسن بعد زيارة الطبيب لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة؟
فيما يلي بعض الطرق لكي تشعري ببعض التحسن أو لتحصلي على مزيد من الراحة، أثناء العلاج:
• استريحي قدر الامكان. حاولي النوم عندما ينام الطفل.
• لا تجهدي نفسك، لا تحاولي أن تفعلي كل شيء بنفسك. اطلبي المساعدة من شريكك وعائلتك وأصدقائك.
• خصّصي وقتاً للخروج أو زيارة الأصدقاء أو قضاء الوقت بمفردك مع شريكك.
• تحدثي عن مشاعرك مع شريكك وأفراد أسرتك الداعمين لك.
• تحدثي مع أمهات أخريات لتتعلمي من تجاربهن.
• انضمي إلى مجموعة دعم. اسألي طبيبك أو ممرضتك عن هذه المجموعات في منطقتك.
• لا تقومي بأي تغييرات جوهرية في حياتك بعد الولادة مباشرة. المزيد من التغييرات الرئيسية في الحياة بالإضافة إلى المولود الجديد يمكن أن تسبب ضغطاً لا داعي له. في بعض الأحيان لا يمكن تجنب التغيّرات الكبيرة. لذا عندما يحدث ذلك، حاولي طلب الدعم والمساعدة.
وجود شريك أو صديق أو مقدم رعاية آخر يمكنه المساعدة في رعاية الطفل أثناء إصابتك بالاكتئاب أمر مهم جداً. إذا كنت تشعرين بالاكتئاب أثناء الحمل أو بعد ولادة طفل، فعليك اخبار أحد أفراد أسرتك أو طبيبك على الفور.
اقرأ أيضًا: ما هي أعراض الاكتئاب
كيف يتم علاج اكتئاب ما بعد الولادة؟
العلاجات الشائعة لاكتئاب ما بعد الولادة هي:
•العلاج النفسي: التحدث إلى الأخصائي النفسي أو الأخصائي الاجتماعي يساعدك في تعلم استراتيجيات علاج الاكتئاب.
•الأدوية: هناك أنواع مختلفة من الأدوية لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة. ولكن يجب أن يصفها الطبيب لك. والنوع الأكثر شيوعاً هو مضادات الاكتئاب وتساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب ويمكن استخدامها أثناء الرضاعة الطبيعية. ولكن قد تحتاج مضادات الاكتئاب عدة أسابيع لتظهر فاعليتها.
وافقت إدارة الغذاء والدواء على دواء يسمى بريكسانولون لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة عند النساء البالغات، ويتم اعطاءه بالوريد لمدة يومين ونصف (60 ساعة). ونظراً لآثاره الجانبية، لا يمكن إعطاء هذا الدواء إلا في عيادة أو مستشفى أثناء وجودك تحت رعاية طبيب أو ممرضة. دواء البريكسانولون ليس آمناً أثناء الحمل أو الرضاعة الطبيعية.
هناك نوع آخر من الأدوية يسمى الإسكيتامين ويتم إعطاؤه كرذاذ في الأنف. لكن الإسكيتامين يمكن أن يؤذي الجنين. يجب عدم تناول الإسكيتامين أثناء الحمل والرضاعة.
• العلاج بالصدمات الكهربائية: يمكن استخدام هذا العلاج في الحالات الشديدة من اكتئاب ما بعد الولادة.
ويمكن استخدام هذه العلاجات بمفردها أو معاً. تحدثي مع طبيبك حول فوائد ومخاطر تناول الأدوية لعلاج الاكتئاب أثناء الحمل أو الرضاعة الطبيعية.
الحصول على العلاج مهم لك ولطفلك فيمكن أن تؤثر الإصابة بالاكتئاب على طفلك. كما أن تناول أدوية الاكتئاب أو الذهاب إلى الطبيب لا يجعلك أمًا سيئة أو فاشلة، بل إنّ الحصول على المساعدة لهو علامة على القوة.
ماذا الذي يمكن أن يحدث إذا لم يتم علاج اكتئاب ما بعد الولادة؟
يمكن أن يؤثر اكتئاب ما بعد الولادة على قدرتك على تربية الأبناء. وذلك بسبب ما يلي:
• ليس لديك ما يكفي من الطاقة
• تعانين من صعوبة في التركيز على احتياجات الطفل واحتياجاتك الخاصة
• تقلب المزاج
• عدم القدرة على رعاية طفلك
• محاولة الانتحار
الشعور بأنك أم سيئة يمكن أن يجعل الاكتئاب أسوأ. لذا من المهم أن تطلبي المساعدة إذا شعرتِ بالاكتئاب.
يعتقد الباحثون أنّ اكتئاب ما بعد الولادة لدى الأم يمكن أن يؤثر على طفلها طوال فترة الطفولة، مما يتسبب في:
• مشاكل التعلم وتطوير اللغة
• مشاكل الترابط بين الأم والطفل
• مشاكل السلوك
• زيادة البكاء أو الانفعالات
• قصر القامة والسمنة
• مشاكل في التعامل مع التوتر والتكيف مع المدرسة والمواقف الاجتماعية الأخرى
تابعوا صفحتنا على الفيسبوك، وحسابنا على تويتر ليصلكم كل جديد!
2 Replies to “اكتئاب ما بعد الولادة”
Comments are closed.