مقدمة
العهدة العمرية هي كتاب كتبه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأهل إيلياء (القدس). وذلك عندما فتحها المسلمون عام 638 للميلاد (15 هجرية). وفيها أمّنهم على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وممتلكاتهم. وتُعتبر من أهم الوثائق في تاريخ مدينة القدس وفلسطين.
وقبل أن نخوض أكثر في بنودها، سأتوسع قليلًا في الحديث عن الفتوحات الإسلامية. والتي قادت جيوش المسلمين إلى فتح القدس. وحتى قيام الخليفة عمر بن الخطاب في نهاية الأمر، بكتابة اتفاق بين المسلمين وسكان القدس بما يُعرف باسم “العهدة العمرية”.
الفتوحات الإسلامية
واصل عمر بن الخطاب الفتوحات التي بدأها أبو بكر الصديق من قبل. وفيها كان قد انتصر على الروم والفرس في الشام والعراق. أمّا جيوش المسلمين في زمن خلافة عمر بن الخطاب- فقد انتصروا في معارك كثيرة مثل: معركة القادسية ومعركة نهاوند. واللتان كانتا سببًا في مواصلة الفتوحات الإسلامية؛ لتصل رسالة الإسلام إلى بلاد فارس وخراسان.
أما الانتصار في معركة اليرموك خصوصًا، فقد كان سببًا في تقهقر جيوش الروم وسيطرة المسلمين على الأناضول وصولًا إلى أرمينيا. وبعدها التوجه إلى مصر وفتحها بنصر من الله.
وكذلك كانت سببًا في فتح العديد من مدن فلسطين. إلى أن وصل المسلمون إلى القُدس. وحرصًا منهم على عدم المساس بالمقدسات هناك، اختاروا أن يقوموا بحصارها. حتى يسلّمها أهلها دون قتال، وبعد مقاومة كبيرة، اختار البطريرك صفرونيوس تسليمها للمسلمين حفاظًا على مقدساتها.
وهنا تقول الروايات بأن البطريرك طلب أن يستلم مفتاح القدس الخليفة نفسه. لذلك جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى القدس لاستلام مفتاحها.
نص العهدة العمرية
وبعد استلام المفتاح قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بكتابة العهدة العمرية .. وقد جاء فيها:
“بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أعطى عبد الله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان.. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقمها وبريئها وسائر ملتها.. أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم. ولا ينقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم. ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود.
وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن. وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص. فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم. ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم. فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن شاء سار مع الروم. ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.
وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.
كتب وحضر سنة خمس عشرة هجرية.
شهد على ذلك: خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان.”
كانت تلك نبذة مختصرة عن العهدة العمرية، أتمنى أن تكون قد نالت رضاكم.
تابعوا صفحتنا على الفيسبوك، وحسابنا على تويتر ليصلكم كل جديد!